فصل: فصل فيما يسن لمن أراد النكاح:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان



.فصل في قصة سعيد بن المسيب رحمه الله:

قال أبو وداعة: كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً فَلَمَّا جئته قال: أين كنت؟ قُلْتُ: توفيت زوجتي فاشتغلت بها. فَقَالَ: هلا أخبرتنا فشهدناها فَلَمَّا أردت أن أقوم قال: هل أحدثت امرأة غيرها؟ فقُلْتُ: يرَحِمَكَ اللهُ ومن يزوجني وما أملك إِلا درهمين أو ثلاثة. قال: إن فعلت تفعل؟ قُلْتُ: نعم ثُمَّ حمد الله وصلى على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وزوجني ابنته على درهمين.
وفي مساء ذَلِكَ الْيَوْم إذا بالْبَاب يُقرع فقُلْتُ: من هَذَا؟ فَقَالَ: سعيد ففكرت في كُلّ إنسان أعرفه اسمه سعيد إِلا سعيد بن المسيب فإنه لم ير مُنْذُ أربعين سنة إِلا ما بين بيته والمسجد فقمت وفتحت الْبَاب وإذا سعيد بن المسيب فظننت أنه بدا له فقُلْتُ: فما تأمرني؟ قال: رأيتك رجلاً عزبًا فكرهت أن تبيت اللَّيْلَة وحدك وهذه زوجتك فإذا هِيَ قائمة خلفه في طوله ثُمَّ دفعها ورد الْبَاب. فالله دره من عَالِم.
اسمَعَ يا من سول له الشيطان وأملى له فأحدث بدعًا بيوتًا للأعراس صادم بها الأَمْر بتخفيف الصداق والحث على تكثير الأمة نسأل الله العافية وهذه البيوت تُؤجر بإجارات باهضة فيما يبلغنا يعجز الفقير عن تحصيل أجرتها فضلاً عن الصداق الَّذِي سيدفعه وقَدْ بلغنا أن أجرتها ثلاثة آلاف أو أربعة نسأل الله السلامة والعافية مِمَّا بُلي به من أحدثوها أو ساعدوا على إحداثها أو استأجروها فشجعوا من أحثوها كم عرقلن عن الزواج من فقراء متعففين نسأل الله الحي القيوم العلي العَظِيم أن يوفق ولات الأَمْر لإزالتها اللَّهُمَّ صلي على مُحَمَّد وآله وسلم.
فحذر يا منْ منَّ الله عَلَيْهِ بعدم إحداثها أو المُشَارَكَة فيها أو الإعانة عَلَيْهَا بقول أو فعل وأكثر من قول الحمد لله الَّذِي عافانَا مِمَّا ابتلوا به وانصح عَنْهَا من يقبل منك من أقارب وأصحاب وَاحْذَر الحضور فيها فتَكُون ممن يشجع على البدعة المحرمة.
وثقل المهور ينشأ عَنْهُ التزوج بالأجنبيات وهَذَا من أكبر الأضرار على الأمة ومن أعظم الأسباب لكساد بنات الوكن لأنه يكسد واحدة ويأتي بأخرى تحمله في كُلّ زيارة مهرًا جديدًا ويبعد أن تتفق الطباع بينهما وإن حصل أولاًد ثُمَّ فراق فأعظم به من ضرر.
وأكثر من يتزوج بالأجنبيات الأغبياء قصار النظر الَّذِينَ لا يحسبون للمستقبل حسابًا ولا يفكرون ولا يفرضون ويقدرون أَهْل ظواهر فقط عقولهم ضعيفة ونظرهم قاصر.
وَالنَّاسُ أَكْثَرُهُمْ فَأَهْلُ ظَوَاهِرِ ** تَبْدُو لَهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ مَعَانِي

فَهُمْ الْقُشُورُ وَبِالْقُشُورِ قِوَامُهُمْ ** وَاللُّبُّ مِنْهُ خُلاصَةُ الإِنْسَان

ثُمَّ اعْلَمْ أن الغالب في الأجنبيات السفور الاستهانة بالأزواج وكثرة الْخُرُوج واستطالة اللسان على الزوج وضعف الدين أو عدمه والغلظة على الأولاد وتكليف الزوج بالمصاريف الباهضة حتى تجلسه على بساط الفقر هَذَا في الغالب ولهَذَا نسمَعَ أن بعض الَّذِينَ اغتروا وتزوجوا بهن يئنون ويتمنون الخلاص وهيهات الخلاص بعد ما امتلأ البيت من الأولاد والبنات ولذَلِكَ تجدهم يتضجرون ويتشكون بعدما تورطوا.
وَكَمْ من إنسان اضطر إلى مصادقة زوجته لأجل الأولاد وبالعكس فكم من زوجة اضطرت إلى مجاملة زوجها والصبر على جوره أولاًدها قال بَعْضهمْ وأظنه ممن ابتلِيَ بزوجة يبغضها ولكنه مضطر إلى المجاملة والصداقة.
وَإِنِّي لَمُشْتَاقٌ إِلَى مَوْتِ زَوْجَتِي ** وَلَكِنْ قَرِينُ السُّوءِ بَاقِ مُعَمَّرُ

فَيَا لَيْتَهَا فِي الْقَبْرِ أَمْسَتْ ضَجِيعَةً ** يُعَذِّبُهَا فِيهِ نَكِيرٌ وَمُنْكَرُ

وَكَمْ من زعيم اضطر إلى مصادقة زعيم وَكَمْ من مرؤوس اضطر إلى مصادقة رئيس وصبر على النكد والضَّرَر وهَذَا من أثقل ما يكون على النُّفُوس قال المتنبي:
وَمِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا عَلَى الْحُرِّ أَنْ يَرَى ** عَدُوًّا لَهُ مَا مِنْ صَدَاقَتِهِ بُدُّ

آخر: محذرًا عمن لا تصلح وحاثًا على التي تصلُحُ:
وَإِيَّاكَ يَا هَذَا وَرَوْضَةَ دِمْنَةٍ ** سَتَرْجِعُ عَنْ قُرْبٍ إِلَى أَصْلِهَا الرَّدِي

وَخَيْرُ النِّسَاءَ مَنْ سَرَّتْ الزَّوْجُ مَنْظَرًا ** وَمَنْ حَفِظَتْهُ فِي مَغِيبٍ وَمَشْهَدِ

قَصِيرَةُ أَلْفَاظٍ قَصِيرَةُ بَبَيْتِهَا ** قَصِيرَةُ طَرْفِ الْعَيْنِ عَنْ كُلِّ أَبْعَدِ

حَسِيبَةُ أَصْلٍ مِنْ كِرَامٍ تَفُزْ إِذَا ** بِوُلْدٍ كِرَام وَالْبَكَارَةَ فَاقْصُدِ

وَوَاحِدَةٌ أَدْنَى إِلَى الْعَدْلِ فَاقْتَنِعْ ** وَإِنْ شِئْتَ فَابْلغْ أَرْبعًا لا تَزَيَّد

اللَّهُمَّ اجعلنا من أَهْل الصلاح والنجاح والفلاح ومن المؤيدين بنصرك وتأييدك ورضاك يا رب العالمين.
{اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
يا ودود يا ذا العرش المجيد يا مبدئ يا معيد يا فعال لما تريد نسألك بنور وجهك الَّذِي ملأ أركَانَ عرشك وبقدرتك التي قدرت بها على جَمِيع خلقك وبِرَحْمَتِكَ التي وسعت كُلّ شَيْء لا إله إِلا أَنْتَ أن تغفر ذنوبنا وسيئاتنا وأن تبدلها لنا بحسنات إنك جوادٌ كريم رؤوف رحيم.
اللَّهُمَّ افتح لدعائنا باب القبول والإجابة وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيع المسلمين بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وصلى الله على مُحَمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

.فصل فيما يسن لمن أراد النكاح:

ثُمَّ اعْلَمْ وفقني الله وَإِيَّاكَ وَجَمِيع المسلمين أنه يسن لمن أراد النكاح أن يتخَيْر ذات الدين لحديث أَبِي هُرَيْرَةِ مرفوعاً: «تُنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك». متفق عَلَيْهِ. وأن تَكُون ذات عقل لا حمقي جاهلة لأن النكاح يراد للعشرة الحسنة ولا تصلح العشرة مَعَ الحمقاء ولا يطيب معها عيش وَرُبَّمَا تعدى ذَلِكَ إلى ولدها وقَدْ قيل: اجتنبوا الحمقاء فإن ولدها ضياع وصحبتها بَلاء ولا ينفع فيها العلاج. وقديماً قيل:
لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ يُسْتَطَبُّ بِهِ ** إِلا الْحَمَاقَةَ أَعْيتْ مَنْ يُدَاوِيهَا

آخر:
إِنَّ الرِّجَال إِذَا لَمْ يَحْمِهَا رَشَدٌ ** مِثْلُ النِّسَاءِ عَرَاهَا الْخُلْفُ وَالْخَلَفُ

أَِلا تَرَى جَمْعَ مَا لا عَقْلَ يُسْنِدُهُ ** جَمْعَ المؤنثِ زَيْدَ التَّاءِ وَالأَلِفُ

وأن تَكُون الزوجة من بيت معروف بالقناعة لأنه مظنة دينها وقناعتها ويستحب أن تَكُون جميلة لأنه أسكن لنفسه وأغض لبصره وأكمل لمودته ولذلك جاز النظر إليها قبل النكاح.
وعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فَقَالَ له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما». رواه الخمسة إِلا أبو داود وعن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَقُولُ: «إذا خطب أحدكم المرأة فَقَدِرَ أن يرى منها بعض ما يدعو إلى نكاحها فليفعل». رواه أَحَمَد وَأَبُو دَاود.
وعن موسى بن عَبْد اللهِ عن أبي حميد أو حميدة قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عَلَيْهِ أن ينظر منها إذا كَانَ إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانَتْ لا تعلم». رواه أَحَمَد.
وعن مُحَمَّد بن مسلمة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إذا ألقى الله عَزَّ وَجَلَّ في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها». رواه أَحَمَد وابن ماجة.
ويشترط أن يكون نظره إليها بلا خلوة لحديث: «لا يخلون رجل بامرأة إِلا ومعها ذو محرم». فإن لم يتيسر له النظر إليها بعث امرأة ثقة تتأملها له وتصفها لأنه صلى الله عليه وسلم بعث أم سليم إلى امرأة وَقَالَ: «انظري عُرقوبها وشُمي عوارضها». رواه الحاكم وصححه والعُرقوب إذا لم يكن طويلاً فهو أحسن بأن يكون مساوي للساق، وكَانُوا يذمون التي عرقوبها طويل بَعْضهمْ وَهُوَ من المتثاقلين للصيام.
أُنْبِئْتُ أَنَّ فَتَاةً كُنْتُ أَخْطبُُهَا ** عُرْقُوبُهَا مِثْلُ شَهْرِ الصَّوْمِ بِالطُّول

والعوارض الأسنان التي في عرض الفم وهي ما بين الثنايا والأضراس وَذَلِكَ لاختبار النكهة فإن لم تعجبه سكت ولا يَقُولُ إِلا خيراً لا يَقُولُ: لا أريدها. لأن في ذَلِكَ إيذاءً.
ولحديث أَبِي هُرَيْرَةِ قال: قيل يَا رَسُولَ اللهِ أي النساء خيرٌ؟ قال: «التي تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها ولا تخالفه في نفسها ولا في ماله بما يكره». رواه أَحَمَد والنسائي وعن يحيي بن جَعدةَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خَيْر فائدة أفادها المرء المسلم بعد إسلامه امرأة جميلة إذا نظر إليها تسره وتطيعه إذا أمرها وتحفظه في غيبته في ماله ونفسها». رواه سعيد.
وَمِنْ سَعْدِ حَظِّ الْمَرْءِ وِجْدَانَ زَوْجَةٍ ** تَطِيبُ بِهَا هَذِي الْحَيَاةُ وَتَعْذبُ

آخر:
لِكُلِّ أَبِي بِنْتٍ يُرْجِي بَقَاءَهَا ** ثَلاثَةُ أَصْهَارِ إِذَا ذُكِرَ الْمَهْرُ

فَبَيْتٌ يُغَطِّيهَا وَزَوْج يَصُونُهَا ** وَقَبْرٌ يُوَارِيهَا وَخَيْرُهُمَا الْقَبْرُ

آخر:
وَزَادَنِي رَغْبَةٌ فِي الْعَيْشِ مَعْرِفَتِي ** ذِلَّ الْيَتِمْةَ يَجْفُوهَا ذُوو الرَّحِمِ

أُحَاذِرُ الْفَقْرَ يَوْمًا أَنْ يُلِمَّ بِهَا ** فَيَهْتِكُ السِّترَ عَنْ لَحْمٍ عَلَى وَضَمِ

تَهْوَى حَيَاتِي وَأَهْوَى مَوْتُهَا شَفَقًا ** وَالْمَوْتُ أَكْرَمُ نَزَّالٍ عَلَى الْحُرمِ

أَخْشَى فَظَاظَةَ عَمٍّ أَوْ جَفَاءَ أَخٍ ** وَكُنْتُ أَبْقِي عَلَيْهَا مِنْ أَذَى الْكَلِم

وإن نظر إليها وأحبها وتعلقت نَفْسهُ وهي ذات دين ولو لم تكن جميلة فقَدْ لا يحب الجميلة فالأحسن أن يتزوج بمن يحب فإنه أحري أن يؤدم بينهما.
يَا ابْنَتِي إِنْ أَرَدْتِ أَيَّةَ حُسْنٍ ** وَجَمَِالاً يَزِينُ جِسْمًا وَعَقْلاً

فَانْبُذِي عَادَةَ التَّبرج نَبْذًا ** فَجَمَالُ النُّفُوسِ أَسْمَى وَأَعْلا

يَصْنَعُ الصَّانِعُونَ وَرْدًا وَلَكِنْ ** وَرْدَةَ الرَّوْضِ لا تُضَارَعُ شَكلاً

آخر:
لا تَطْلبُ الْحُسْنَ إِنَّ الْحُسْنَ آفَتُهُ ** أَنْ لا يَزَالَ طِوَالَ الدَّهْرِ مَطْلُوبَا

وَلَنْ تُصَادِفَ يَوْمًا لُؤْلُؤًا حَسَنًا ** بَيْنَ اللآلِئ إِلا كَانَ مَثْقُوبَا

وشاور رجل رجلاً في النكاح فَقَالَ: إياك والجمال الفائق فإن الشاعر قال:
وَلَنْ تُصَادِفَ مَرْعىً مُونِقًا أَبَدَا ** إِلا وَجَدْتَ بِهِ آثَارَ مَأْكُول

آخر:
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى ذِي مَنْظَرٍ حَسَنٍ ** فَرُبَّ رَائِقَةٍ قَدْ سَاءَ مَخْبَرُهَا

مَا كُلُّ أَصْفَرَ دِينَارٌ لِصُفْرِتِهِ ** صُفْرُ الْعَقَارِبِ أَرْدَاهَا وَأَنْكَرُهَا

آخر:
وَرُبَّ مَلِيحٍ لا يُحَبُّ وَضِدُّهُ ** يُقَّبَلُ مِنْهُ الْعَيْنُ وَالأَنْفُ وَالْفَمُ

هُوَ الْجَدُّ خُذْهُ إِنْ أَرَدْتَ مُسَلَّمًا ** وَلا تَطْلُبِ التَّعْلِيلَ فَالأَمْرُ مُبْهَمُ

آخر:
لِكُلِّ سَاقِطَةٍ فِي الْحَيِّ لاقِطَةٌ ** وَكُلُّ بَائِرَةٍ يَوْمًا لَهَا سُوقُ

آخر:
تَقُولُ مَنْ لِلْعَمَى بِالْحُسْنِ قُلْتُ لَهَا ** كَفَى عَنْ اللهِ تَصْدِيقِهِ الْخَبَرُ

الْقَلْبُ يُدْرِكُ مَا لا عَيْنَ تُدْرِكُهُ ** وَالْحُسْنُ مَا اسْتَحْسَنَتْهُ النَّفْسُ لا الْبَصَرُ

وَيَقُولُ الآخر:
وَعَيَّرَنِي الأَعْدَاءَ وَالْعَيْبُ فِيهِمُوا ** وَلَيْسَ بِعَيْبٍ أَنْ يُقَالُ ضَرِيرُ

رَأَيْتُ الْعَمَى أَجْرًا وَذُخِرًا وَعِصْمَةً ** وَإِنِّي إِلَى تِلْكَ الثَّلاثِ فَقِيرُ

إِذَا أَبْصَرَ الْمَرْءُ الْمُرُوءَةَ وَالتُّقَى ** فَإِنَّ عَمَى الْعَيْنِينَ لَيْسَ يَضِيرُ

آخر:
إِنَّ الْمَلِيحَةَ مَنْ تَزِينُ حُلِّيهَا ** لا مَنْ غَدَتْ بِحُلِيِّهَا تَتَزَيَّنُ

آخر:
وَمَا الْحُبُّ مِنْ حُسْنٍ وَلا مِنْ مَلاحَةٍ ** وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ بِهِ الرُّوحُ تُكَلَّفُ

آخر:
كَلِفْتُ بِهَا شَمْطَاءَ شَابَ وَلِيدُهَا ** وَلِلنَّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ

آخر:
لِكُلِّ سَاقِطَةٍ فِي الْحَيِّ لاقِطَةٌ ** وَكُلُّ بَائِرَةٍ يَوْمًا لَهَا سُوقُ

آخر:
فَكَمْ فِي الْعُرْسِ أَبْهَى مِنْ عَرُوسٍ ** وَلَكِنْ لِلْعَرُوسِ الله سَاعِدُ

ويُسن أن تَكُون ولودًا لحديث أنس كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» رواه سعيد.
ويعرف كون البكر ولودًا بكونها من نساء يعرفن بكثرة الأولاد فإذا كانَتْ أمها وأختها وخالتها وعمتها والقريبات من النساء وَلُودَاتٍ فالغالب والعلم لله أنها تَكُون مثلهن ويبعد أن تَكُون بخلاف ذَلِكَ.
وليحذر الإِنْسَان من خضراء الدَّمنْ ففي الْحَدِيث الَّذِي رواه الدارقطني في الأفراد والعسكري في الأمثال: «إياكم وخضراء الدَّمنْ». قَالُوا: وما خضراء الدَّمنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قال: «المرأة الجميلة من المنبت السُّوء». قال ابن الجوزي: ينبغي للعاقل أن ينظر في الأصول فيمن يخالطه ويعاشره ويشاركه ويصادقه ويزوجه أو يتزوج إليه ثُمَّ ينظر بعد ذَلِكَ في الصور.
قال: أما الأصول فإن الشَيْء يرجع إلى أصله وبعيد ممن لا أصل له أن يكون فيه معني حسن فإن المرأة الحسناء إذا كانَتْ من بيت رديء فَقَلَّ أن تَكُون أمينة وَكَذَا أيضًا المخالط والصديق والمباضع والمعاشر وَإِيَّاكَ أن تخالط إِلا من له أصل يخاف عَلَيْهِ الدنس فالغالب السلامة وإن وقع خلاف ذَلِكَ كَانَ نادرًا. اهـ.
وَقَالَ ابن القيم:
يَا مُطْلِقَ الطَّرْفِ الْمُعَذَّبِ بالأَولَى ** جُرِّدْنَ عَنْ حُسْنٍ وَعَنْ إِحْسَانِ

لا تَسْبِيَنَّكَ صُورَةُ مَنْ تَحْتَهَا الدَّ ** اءُ الدَّفِينُ تَبُوءُ بِالْخُسْرَانِ

قَبُحَتْ خَلائِقُهَا وَقُبِّحَ فِعْلُهَا ** شَيْطَانَةٌ فِي صُورَةِ الإنْسَانِ

تَنْقَادُ لِلأَنْذَالِ وَالأَذَالِ هُمْ ** أَكْفَاؤُهَا مِنْ دُونِ ذِي الإِحْسَانِ

مَا ثَمَّ مِنْ دِينٍ وَلا عَقْلٍ وَلا ** خُلُقٍ وَلا خَوْفٍ مِنْ الرَّحْمَنِ

وَجَمَالُهَا زُورٌ وَمَصْنُوعٌ فَإِنْ ** تَرَكَتْهُ لَمْ تَطْمَحْ لَهَا قَطُّ يَدَانِ

إِنْ قَصَّرَ السَّاعِي عَلَيْهَا سَاعَةً ** قَالَتْ وَهَلْ أَوْلَيْتَ مِنْ إِحْسَانِ

أَوْ رَامَ تَقْوِيمًا لَهَا اسْتَعْصَتْ وَلَمْ ** تَقْبَلْ سِوَى التَّعْوِيجِ وَالنُّقْصَان

أَفْكَارُهَا فِي الْمَكْرِ وَالْكَيْدِ الَّذِي ** قَدْ حَارَ فِيهِ فِكْرَةُ الإِنْسَانِ

فَجَمَالُهَا قِشْرٌ رَقِيقٌ تَحْتَهُ ** مَا شِئْتَ مِنْ عَيْبٍ وَمِنْ نُقْصَانِ

نَقْدٌ رَدِيءٌ فَوْقَهُ مِنْ فِضَّةٍ ** شَيْءٌ يَظُنُّ بِهِ مِنَ الأَثْمَانِ

فَالنَّاقِدُونَ يَرَوْنَ مَاذَا تَحْتَهُ ** وَالنَّاسُ أَكْثَرُهُمْ مِنْ الْعُمْيَانِ

أَمَّا جَمِيلاتُ الْوُجُوهِ فَخَائِنَا ** تٌ بُعُولَهُنَّ وَهُنَّ لِلأَخْدَانِ

وَالْحَافِظَاتُ الْغَيْبِ مِنْهُنَّ الَّتِي ** قَدْ أَصْبَحَتْ فَرْدًا مِنْ النِّسْوَان

اللَّهُمَّ وفقنا توفيقًا يقينا عن معاصيك وأرشدنا إلى السعي فيما يرضيك وأجرنا يا مولانَا من خزيك وعذابك وهب لنا ما وهبته لأوليائك وأحبابك وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المسلمين الأحياء مِنْهُمْ والميتين بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
موعظة:
عباد الله كَانَ تعدد الزوجات عادة شائعة في الْعَرَب فَإِنَّهُمْ لم يكونوا يتقيدون فيه بعدد ولا يراعون عدلاً بين الزوجات فكَانَ ذَلِكَ مِمَّا أصلحهُ الإسلام فلم يمنعه منعًا باتًا لما في ذَلِكَ من الحرج ولم يتركه فوضى كما كَانَ بل أباحه إلى أربع وشرط للحل شرطًا وثيقًا وَهُوَ العدل بين الزوجات في المعاملة.
قال الله تَعَالَى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} فتراه قَدْ شرط إباحة تعدد الزوجات بالعدل كما جعل مجرد خوف الجور والظلم سببًا كافيًا في تحريم التعدد فمن لم يأنس من نَفْسهُ أن يقوم بالقسط بين الزوجات لا يتاح له التعدد ويجب عَلَيْهِ الاقتصار على واحدة.
نعم الأصل في التزوج التوحد فيه يتم السكون لكل من الزوجين إلى الأخر ويستقيم أمرهما ويهنأ عيشهما وتسعد أولادهما بإذن الله ولكن قَدْ تدعو الحاجة أو الضرورة إلى التعدد وتقتضيه المصلحة لمسائل كثيرة كما إذا لم ترغب أم أولاده في مضاجعته والاتصال به وكما لو كَانَ بها مرض لا يرجى بُرؤه أو مَاتَ أولادها ووقفت عن الحمل أو يكون به شبق ولا يكتفي بواحدة لما يتعرضها من حيض أو استحاضة أو نفاس أو نحو ذَلِكَ.
فإذا تزوج أكثر من واحدة وجب عَلَيْهِ العدل بين زوجاته فيبيت عِنْدَ إحداهن كما يبيت عِنْدَ الأخرى وكَذَلِكَ يفعل في المطعم والمسكن والملبس وسائر أنواع النفقة إن كن في الغنى متساويات وإن لم تفعل ذَلِكَ وجرت مَعَ إحداهما فأَنْتَ في عداد الظالمين.
ولا تظن الأَمْر في هَذَا بسيطًا هينًا لا بل اعلم أنه عَظِيم من أخل به جَاءَ يوم القيامة وشقهُ ساقط كما أخبر بذَلِكَ الرَّسُول الكريم وَهُوَ جزاء يناسب جُرمه لأنه أسقط ناحية المظلومة بإخلاله الذميم.
ويا ليت الأَمْر يقف عِنْدَ هَذَا الحد بل وراءه النار دار المذنبين ولذَلِكَ معاذ بن جبل الَّذِي أثنى عَلَيْهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: «أعلم أمتي بالحلال والحرام كانَتْ عنده امرأتان فإذا كَانَ عِنْدَ إحداهما لم يشرب من بيت الأخرى الماء». معناه أنه من ورعه وخوفه من الميل إلى إحداهما إذا كانَتْ النوبة لواحدة وفر يومها وليلتها عَلَيْهَا فلو مر في يومها في بيت ضرتها وَهُوَ عطشان لم يشرب من عندها حتى يأتي بيت التي الْيَوْم يومها.
هَذَا العدل أصبح عِنْدَ النَّاس الَّذِينَ اختاروا التعدد نادر الوجود يترك أحدهم زوجته التي لا يحبها مدة طويلة تقاسي من آلام الجور والغيرة وما تقاسي وَهُوَ مَعَ المحبوبة أو صاحبة الْمَال ليله ونهاره كأنه لاعن تلك المبغوضة فحُرمت عَلَيْهِ أبد الآبدين.
وتجده إذا دعاه إنسان جعله في ليلة المبغوضة ويومها والمفروض أن يستعمل القرعة وإذا قدم أتى إلى المحبوبة ويختار لها المسكن الطيب وكَذَلِكَ الصوغ والثياب والطعام والأطياب والفواكه وبوده لو استراح وطلق المبغوضة ولكنه يخشى أن تترك الأولاد وتذهب أو تسحب ما لها عنده من أموال فلهَذَا يجاملها مَعَ العداوة والبغض وينطبق عَلَيْهِ قول المتنبي:
وَمِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا عَلَى الْحُرِّ أَنْ يَرَى ** عَدُوًّا لَهُ مِنْ صَدَاقَتِهِ بُدُّ

ولكن ليعلم هَذَا الجائر أن الله جَلَّ وَعَلا له ولأمثاله بالمرصاد وليعلم أن حنين الزوجة إلى زوجها يزيد بعد زواجه عَلَيْهَا أضعافًا مضاعفات وقَدْ كانَتْ قبل زواجه لا تصبر عَنْهُ ساعة فَكَيْفَ تصبر بعد الزواج شهورًا أو سنوات فأطل التفكر في هَذَا لتعلم كيف تَكُون العاقبة لعلك تسلك طَرِيق العدل وتبعد عن الجور والجائرين.
ففي الْحَدِيث إذا كانَتْ عِنْدَ الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جَاءَ يوم القيامة وشقه ساقط رواه الترمذي وَأَبُو دَاود وَغَيْرِهمَا.
وَمَنْ جَمَعَ الضَّرِاتِ يَطْلبُ لَذَّةً ** فَقَدْ بَاتَ بِالأَضْرَارِ غَيْرَ سَدِيد

اللَّهُمَّ وفقنا للاستقامة والعدل فيما وليتنا عَلَيْهِ اللَّهُمَّ إنا نعوذ بك من دنيا تمنع خَيْر الآخرة ونعوذ بك من حياة تمنع خَيْر الْمَمَات ونعوذ بك من أمل يمنع خَيْر الْعَمَل ونسألك أن تغفر لنا ولوالدينا وَلِجَمِيعِ المسلمين بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
فصل:
وينبغي أن يتخَيْر الدينة حسنة السيرة راجحة العقل المحسنة للتدبير وليحذر كُلّ الحذر من الخرقاء والبخيلة فكلاهما ما يفسدانه أكثر مِمَّا يصلحانه إن حصل صلاح وفيما قيل قديمًا:
وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهِ قَهْرَمَانَةٌ ** فَذَلِكَ بَيْتٌ لا أَبَا لَكَ ضَائِعُ

آخر:
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَنْزِلِ الْمَرْءِ حُرَّةٌ ** رَأى خَللاً فِيمَا تَوَلَّى الْوَلائِدُ

فَلا يَتَّخِذْ مِنْهُنَّ حُرٌّ قَعِيدَةً ** فَهُنَّ لَعَمْرُ اللهِ بِئْسَ الْقَعَائِدُ

آخر:
وَدُونَكَ بَيْتًا قَدْ تَحَلَّى بِهِ النُّهَى ** كَمَا يَتَحَلَّى مِعْصَمٌ بِسِوَارِهِ

إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَنْزِلِ الْمَرْءِ حُرَّةٌ ** تُدَبِّرُهُ ضَاعَتْ مَصَالِحُ دَارِهِ

آخر:
إِذَا شِئْتَ يَوْمًا تُعْطِي الرِّبَاحَ عَشِيرَهَا ** وَمِنْهُمْ مَنْ تَبْنِي بِخُسْرٍ تِجَارِهَا

آخر:
فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَخْتَرْ لِنَفْسِكَ حُرَّةً ** عَلَيْكَ بِبَيْتِ الْجُودُ خُذْ مِنْ خِيَارِهِ

وَإِيَّاكَ وَالْبَيتَ الدَّنِيَّ فَرُبَّمَا ** تُعَارُ بِطُولٍ فِي الزَّمَانِ بِعَارِهِ

وَفِيهِنَّ مَنْ تَأْتِي الْفَتَى وَهُوَ مُعْسِرٌ ** فَيُصْبِحُ كُلُّ الْخَيْرِ فِي وِسْطِ دَارِهِ

وَفِيهِنَّ مَنْ تَأْتِيهِ وَهُوَ مُيَّسِرٌ ** فَيُصْبِحُ لا يَمْلِكْ عَلِيقَ حِمَارِهِ

وَفِيهِنَّ مَنْ لا بَيَّضَ اللهَ وَجْهَهَا ** إِذَا غَابَ عَنْهَا الزَّوْجُ طَلَّتْ لِجَارِه

وورد أن المرأة الصَّالِحَة كالغراب الأعصم وَهُوَ أبيض الجناحين فلا يكاد يوَجَدَ إِلا القليل ومن الصالحات ما في حديث أنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم برجالكم في الْجَنَّة؟» قلنا: بلى يَا رَسُولَ اللهِ. قال النَّبِيّ في الْجَنَّة: «ألا أخبركم بنسائكم في الْجَنَّة؟» قلنا: بلى يَا رَسُولَ اللهِ. قال: «ودود ولودٌ إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها قَالَتْ: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضي». المعني أنها ترضيه رواه الطبراني.
وقَدْ ورد ما فيه بشارة عظيمة أجر المرأة الصَّالِحَة القانتة ونجاتها فمنها ما رواه الإمام أَحَمَد والطبراني عن عبد الرحمن ابن عوف رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا صلت المرة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الْجَنَّة من أي أبواب الْجَنَّة شئت».
ونحو هَذَا في رواية ابن حبان عن أَبِي هُرَيْرَةِ وروى الحاكم وصححه: «أيما امرأة ماتت وزوجها عَنْهَا راض دخلت الْجَنَّة». وَقَالَ صلى الله عليه وسلم محذرًا لهن عما فيه ضرر عَلَيْهن: «أيما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها كانَتْ في سخط الله حتى ترجع إلى بيتها أو يرضى عَنْهَا زوجها». رواه الخطيب عن أنس ابن مالك.
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إني لأبغض المرة تخَرَجَ من بيتها تجر ذيلها تشكو زوجها». رواه الطبراني وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أيهما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقَدْ هتكت ستر ما بينها وبين الله عَزَّ وَجَلَّ». رواه أَحَمَد والحاكم.
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيت زوجها خرق الله عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا ستره». رواه أَحَمَد والطبراني والبيهقي والحاكم في مستدركه.
وأن تَكُون طيبة الأصل حسيبة ليكون الولد بإذن الله نجيبًا فإنه أشبه أهلها فجذبوه بالخلق والخلق وفي الخبر انظر في أي شَيْء تضع ولدك فإن العرق دساس وَقَالَ عَلَيْهِ أفضل الصَّلاة والسَّلام: «تخيروا لطفكم فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن». رواه ابن عدي وابن عساكر عن عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وأن تَكُون بكرًا لما في الصحيحين عن جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك». ولقوله: «فهلا بكرًا تعضها وتعضك». رواه الطبراني وإسناده صحيح ولقوله عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلام: «عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواهًا وأنتق أرحامًا وأرضى باليسير». رواه ابن ماجة وغيره وفي رواية: «عليكم بالأبكار فإنهن أطيب أفواهًا وأنتق أرحامًا وأرضى باليسير من الجماع».
ومن فَوَائِد نكاح البكر أنها تحب الزوج الأول وتألفه فإن الطباع مجبولة على حب الأنس بأول مألوف وفي هَذَا المعني قيل:
نَقِّلْ فُؤَادَكَ مَا اسْتَطَعْتَ مِنَ الْهَوَى ** مَا الْحُبُّ إِلا لِلْحَبِيبِ الأَوَّلِ

كَمْ مَنْزِلٍ فِي الأَرْضِ يَأْلَفُهُ الْفَتَى ** وَحَنِينُهُ أَبَدًا لأَوَّلِ مَنْزِلِ

آخر:
قَالُوا نَكَحْتَ صَغِيرَةً فَأَجَبْتُهُمْ ** أَشَهَى الْمَطِيِّ إِلَيَّ مَا لَمْ يُرْكَبِ

كَمْ بَيْنَ حَبَّةٍ لُؤْلُؤٍ مَثْقُوبَةٍ ** ثَقْبًا وَحَبَّةِ لُؤْلُؤٍ لَمْ تُثْقَبُ

آخر:
إِنَّ الْمَطِيَّةَ لا يُلَذُ رُكُوبُهَا ** حَتَّى تُذَلَّلَ بِالرُّكُوب وَتُرْكَبَا

وَالدُّرُّ لَيْسَ بِنَافِع أَصْحَابَهُ ** مَا لَمْ يُؤْلَّفْ فِي النِّظَامِ وَيُثْقَبَا

آخر:
كَذَبَ الَّذِينَ تَحَدَّثُوا فِي قَوْلِهِمْ ** مَا الْحُبُّ إِلا لِلْحَبِيبِ الأَوَّلِ

الْحُبُّ لِلْمَحْبُوبِ سَاعَةً وَصْلِهِ ** مَا الْحُبُّ فِيهِ لآخِر وَلا أَوَّلِ

مَا أَنْ أَحُنُّ إِلَى خَرَابٍ مُقْفر ** دَرَسْتَ مَعَالِمُهُ كَأَنْ لَمْ يُوهَلِ

مَقْتِي لِمَنْزِلِي الَّذِي اسْتَحْدَثْتُهُ ** أَمَّا الَّذِي وَلَّى فلَيْسَ بِمَنْزِلِ

لا شَكَّ فِي أَنَّ النَّبِيّ مُحَمَّدًا ** فَاقَ الْبَرِيَّةَ وَهُوَ خَيْرُ مُرْسَلِ

آخر:
وَالآنَ جَاءَ مِصْدَاقُ هَذَا عِنْدَنَا ** تَرَكُوا الْقَدِيمَ لأَجْنَبِي يَسْكُنُوا

أَتَانِي هَوَاهَا قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ الْهَوَا ** فَصَادَفَ قَلْبًا خَالِيًا فَتَمَكَّنَا

ومن أمثلة الْعَرَب: لا تنسى الشيباء أبا عذرها ولا قاتل بكرها.
المعني أنها لا تنسي الَّذِي افتض بكارتها ولا الَّذِي يقتل أول أولادها ولهَذَا قال بَعْضهمْ: النساء ثلاث واحدة لك وواحدة عَلَيْكَ وواحدة لا لك ولا عَلَيْكَ.
فأما التي لك فالبكر التي لم تر غيرك إن رأت خيرًا حمدت الله وإن رأت غير ذَلِكَ قَالَتْ: هكَذَا الرِّجَال أجْمَعُ.
وأما التي لا لك ولا عَلَيْكَ غالبًا فالثيب إن رأت خيرًا قَالَتْ: هكَذَا يجمل بي وإن رأت شراً حنت إلى الأول ولو أنه مُسيء فيها وهَذَا إذا كنت أَنْتَ زوجها الأول متقاربين في السن والكرم والغنا والعفاف وإن كنت دونه سمعت ما يسؤك ويؤلمك ورَأَيْت ما يحزنك ويقلقك من ذكر زوجها الأول وأفعاله لمزًا وهزبًا ولهَذَا قال بعضهم مُحذرًا عَنْهَا:
وَلا تَنْكِحَنَّ الدَّهْرَ مَا عِشْتَ أَيِّمًا ** مُجَرَّبَةً قَدْ مُلَّ مِنْهَا وَمَلَّت

وقيل لبَعْضهمْ قَدْ كرهت امرأتك شيبتك فَقَالَ: إنما مالت إلى الإبدال لقلة الْمَال وَاللهِ لو كنت في سن نوح وشيبة إبلَيْسَ وخلقة منكر ونكير ومعي مال لكنت أحب إليها من مُقتز في جمال يوسف وخلق داود وسن عيسى وجود حَاتِم وحِلم أحنف.
أعِرْ طَرْفكَ الْمَرَآة وَانْظُرْ فَإِنْ نَبَا ** بِعَيْنِكَ مِنْهُ الشَّيْبُ فَالْبِيضُ أَعْذَرُ

إِذَا شنُأتْ عَيْنُ الْفَتَى شَيْبَ نَفْسِهِ ** فَعَيْنُ سِوَاهُ بِالشَّنَاءِةِ أَجْدَرُ

آخر:
يُرِدْنَ ثَرَاءَ الْمَالِ حَيْثُ عَلِمْنَهُ ** وَشَرْحُ الشَّبَابِ عِنْدَهُنَّ عَجِيبُ

آخر:
فَجَعَلْتُ أَطْلُبُ وَصْلَهَا بَتَمَلُّلقٍ ** خَبِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ

إِذَا شَابَ رَأْسُ الْمَرْءِ أَوْ قَلَّ مَالُهُ ** فلَيْسَ لَهُ مِنْ وُدِّهِنَّ نَصِيبُ

يُرِدْنَ ثَرَاءَ الْمَالِ حَيْثُ عَلِمنَهُ ** وَشِرْخُ الشَّبَابِ عِنْدَهُنَّ عَجِيبُ

آخر:
رَأَيْنَ الْغَوَالِي الشّبَ لاحَ بِعَارِضِي ** فَأَعْرضْنَ عَنِّي وَبِالْخُدُودِ النَّوَاظِرِ

وَكُنَّ إِذَا أَبْصَرَنَنِي أَوْ سَمِعْنَ بِي ** رَنِينَ فَرَفعْنَ الْكُوَى بِالْمَحَاجُرِ

آخر:
لَمْ أَعْشِقْ الْسُمْرَ إِلا مِنْ حِيَازَتِهِمْ ** لَوْنَ الشَّبَابِ وَحَبَّ الْقَلْبِ وَالْحَدَقِ

وَلا سَلَوْتُ بَيَاضَ الشَّيْب عَنْ غَلَطٍ ** إِنِّي مِنَ الشَّيْبِ وَالأَكْفَانِ فِي فَرَقِ

آخر:
تَهَزَأتْ أَنْ رَأَتْ شَيْبِي فَقُلْتُ لَهَا ** لا تَهْزَئِي مَنْ لا يَطُلْ عُمْرٌ بِهِ يَشب

شَيْبُ التَّقي لَهُ عِزٌّ وَمَكْرَمَةٌ ** إِذَا اسْتَقَامَ بِلا شَكٍّ وَلا رِيَبَ

آخر:
بَدَا شَيْبُهُ مِثْلَ النَّهَارَ وَلَمْ يَكُنْ ** يُشَابِهُ فَجْرًا أَوْ نُجُومَ ظَلامِ

يُحَدِّثُهَا مَا لا تُرِيدُ اسْتِمَاعَهُ ** وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَ الشَّيْخ غَيْرُ كَلامِ

تَوَدُّ لَوْ أَنَّ اللهَ أَعْطَاهُ حَتْفَهُ ** وَكَفَّلَهَا مِنْ بَعْدِهِ بِغُلامِ

تَقُولُ لَهُ فِي النَّفْسِ غَيْرَ مُبِينَةٍ ** خُذِ الْمَهْرَ مِنِّي وَانْصَرِفْ بِسَلامِ

آخر:
الشَّيْبُ أَعْظَمُ جُرْمٍ عِنْدَ غَانِيَةٍ ** مِنْ ابن مُلْجِمِ عِنْدَ الْفَاطِمِّيينَا

آخر:
وَمُدَّعٍ شَرْخَ شَبَابٍ وَقَدْ ** عَمَّمَهُ الشَّيْبُ عَلَى وَفْرَتِهِ

يَخْضِبُ بِالأَسْوَدِ لِحْيَتِهْ ** يَكْفِيهِ أَنْ يَكْذِبَ فِي لِحْيَتِهِ

آخر:
خَضَبْتُ الشَّيْبُ لَمَّا كَانَ عَيْبًا ** وَخَضْبُ الشَّيْبِ أَوْلَى أَنْ يُعَابَا

وَلَمْ أَخْضِبْ مَخَافَة هَجْر خِلٍّ ** وَلا عُتْبًا خَشِيتُ وَلا عِتَابَا

وَلَكِنَّ الْمَشِيبَ بَدَا ذَمِيمًا ** فَصَيَّرتُ الْخِضَابَ لَهُ عِقَابَا

آخر:
أَنْذَرَكَ الشَّيْبُ فَخُذْ نَصْحَهُ ** فَإِنَّمَا الشَّيْبُ نَذِيرٌ نَصِيح

وَعِلَّةُُ الشَّيْبْ إِذَا مَا اعْتَرتْ ** أَعْيَتْ لَوْ أَنَّ الْمَدَاوِي الْمَسِيح

آخر:
وَلاتَكُ فِي وَطْءِ الْكَوَاعِبِ مُسْرِفًا ** فَإِسْرَافُهُ لِلْعُمْرِ أَقْوَى الْهَوَادِمِ

وَإِيَّاكَ إِيَّاكَ الْعَجُوزُ وَوَطْأَهَا ** فَمَا هِيَ إِلا مِثْلُ سُمِّ الأرَاقِمِ

آخر:
إِذَا فَكَّرْتُ فِي شَيْبِي وَسِنِّي ** عَتِبْتُ عَلَيْهِ فِيمَا نَالَ مِنِّي

كَأَنَّ الشَّيْبَ غَارَ عَلَى الْعَوَالِي ** فَعَرَّضَهُنَّ لِلإِعْرَاضِ عَنِّي

آخر:
وَالشَّيْبُ تَغْتَفِرُ الْغَوَانِي ذَنْبَهُ ** مَا دَامَ ذَاكَ الشَّيْءُ فِيهِ تَحَرُّكُ

آخر:
مَا كَانَ أَقْصَرَ أَيَّامَ الشَّبَابِ وَمَا ** أَبْقَى حَلاوَةِ ذِكْرَاهُ الَّتِي يَدَعُ

مَا وَاجَهَ الشَّيْبُ مِنْ عَيْنٍ وَإِنْ رَمَقَتْ ** إِلا لَهَا نَبْوَةٌ عَنْهُ وَمُرْتَدَعُ

آخر:
رَأَيْتُ سَوَادَ الرَّأْسِ وَاللَّهْوِ تَحْتَهُ ** كَلَيْلٍ وَحُلْمٍ بَاتَ رَائِيهِ يَنْعَمُ

فَلَمَّا اضْمَحَلَّ اللَّيْلَ زَالَ نَعِيمُهُ ** وَلَمْ يَبْقَ إِلا عَهْدُهُ الْمُتَوَهَّمُ

آخر:
حَلَّ الْمَشِيبُ بِعَارِضِي وَمَفَارِقِي ** بِئْسَ الْقَرين أَرَاهُ غَيْرَ مُفَارِقِي

رَحَلَ الشَّبَابُ فَقُلْتُ قِفْ لِي سَاعَةً ** حَتَّى أُوَدِّعَ قَالَ إِنَّكَ لاحِقِي

آخر:
رَحَلَ الشَّبَابُ فَمَا لَهُ مِنْ عَوْدَةٍ ** وَأَتَى الْمَشِيبُ فَأَيْنَ مِنْهُ الْمَهْرَبُ

آخر:
عَانِقْ مِنَ النِّسْوَانِ كُلَّ فُتَيَّةٍ ** أَنْفَاسُهَا كَرَوَائِحِ الرَّيْحَانِ

أَحْذِرْكَ عَنْ نَفَسِ الْعَجُوزِ وَبُضْعِهَا ** فَهُمَا لِجِسْمِ ضَجِيعِهَا سَقَمَانِ

آخر:
عَجُوزٌ تَمَنَّتْ أَنْ تَكُون فُتَيَّةً ** وَقَدْ يَبِسَ الْجَنْبَانِ وَاحْدَوْدَبَ الظَّهْرُ

تَرُوحُ إِلَى الْعَطَّارِ تَبْغِي شَبَابَهَا ** وَهَلْ يُصْلِحُ الْعَطَّارُ مَا أَفْسَدَ الدَّهْرُ

وَمَا غَرَّنِي إِلا خِضَابٌ بِكَفِّهَا ** وَكُحْلٌ بِعَيْنِهَا وَأَثْوَابُهَا الصُّفْرُ

وَجَاؤُا بِهَا قَبْلَ الْمَحَاقِ بِلَيْلَةٍ ** فَكَا مُحَاقًا كُلُّهُ ذَلِكَ الشَّهْرُ

وَقَالَ بعض العلماء: يكره نكاح الحنانة والمنانة والأنانة والحداقة والبراقة والممراض.
فالحنانة التي لها ولد تحن إليه أو زوج تحبه من قبلك وفي المثل: حب الأول ما يتحول، والمنانة التي تمن على زوجها بما تفعله أو تبذله. والأنانة كثيرة الأنين الكسلانة المتكاسلة.
والحداقة التي تسرق كُلّ شَيْء بحدقتها التي تحب أن تطّلع على كُلّ شَيْء وتكلف زوجها بأنواع المشقات.
والبراقة التي تشتغل بتبريق وجهها ويديها ورجليها من تحمير وتبيض وتنميق وتحسين وقيل أنها التي تغضب عِنْدَ الطعام ولا تأكل إِلا وحدها التي تبحم بالشيء. والشراقة كثيرة الكلام قليلة الصمت.
والممراض التي تتمارض غالب أوقاتها ولَيْسَ فيها مرض إنما تهرب من الْعَمَل أو الاستمتاع بها فهي دائمًا تعبس بوجهها مقطبة دائمًا كسلانة تحب النوم والرَّاحَة.
عصمنا الله وإياكم من الزلل ووفقنا لصالح الْعَمَل وهدانَا بفضله سبيل الرشاد وطَرِيق السداد إنه جل شأنه نعم المولى ونعم النصير وصلى الله على مُحَمَّد وآله وصحبه أجمعين.